بقلم: خولة بوخيمة
من جديد ما تبثقت عنه عقول صناعة التسويق، وغالباَ ما يأتي الجديد من بلاد الغرب لا من عندنا نحن شعوب العالم الثالث- بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني تدفع الإنسان الغربي عند ذكرها إلى إبداء ملامح أولها الإمتعاض وقد تنتهي إلى الشفقة، بعض العبارات والمشاهد النفاذة التي تتسرب إلى أعماق اللاوعي حيث تستقر لتصبح محركاً خفياً للرغبات البشرية.
فحاجة الانسان إلى هوية وانتماء ، وحب البقاء والسعي إليه الذي لم يطله تهذيب ديني أو تربوي فيتخذ شكل الأنانية، كلها خلفيات هامة للشكل الجديد الذي أصبحت تتخذه الإعلانات الاستهلاكية التي تنضح بها التلفزيونات العربية، وتشتمل على عبارات من قبيل : أنا أحب كذا، أنا من خلال كذا، وهذا مشروبي، وهذه حياتي، بل وصل الأمر إلى : أنا “مشروب شعير”.كل هذا الزخم في العبارات التي تؤصل للأنا الكبيرة التي تحركنا كأفراد في مجتمعات مستهلكة بامتياز، أضف عليه أنواع الموسيقى الرائجة وتصوير الحياة على أنها متعة واستمتاع، ومحاولة فرض هوية صناعية، تقوم على اشباع الرغبات الأكثر ثانوية في حياة الإنسان.
فما هو حجم “الأكشن” في حياتك الذي قد يدفعك إلى شراء هاتف نقال يصور 50 صورة في الثانية، بحيث تحتاج إلى توثيقها، و هل كون "كوكاكولا زيرو" لا تحتوي على سكر يبرر شرب أرطال منها، ظاهرها فيه اللذة وباطنها من قبله مختلف المصائب الصحية ورصاص في ظهر إخوانك، وهل يصلح شامبو "أنا في شعري" طبيعة شعر متجعد خليقة.. وهل وهل وهل؟؟لاأريد أن ينقلب الموضوع إلى دراسة استهلاكية في العالم العربي والإسلامي، ولكن هناك ما أود أن أقترحه عليك قارئي الكريم، وحتى أكون صادقة، فأنا أيضا أود تسويق شيء ما..شيء ليس من الكماليات، بل بدونه لاتستقيم الحياة، شيء يضمن حقك في الحياة، وحقك في العيش بحرية وكرامة، وحقك في التعبير عن هويتك، وحقك في نصرة جيرانك، شيء بوجوده في حياتك تكون قد ضمنت سعادة الدارين، لأن السعادة قبل كل شيء إحساس بالرضى، وأكثر لحظات السعادة عند الإنسان ليست عندما يشرب بيبسي برفقة شلة من المعاتيه، وإنما حين يحس بتحقيق هدف ما، بتخريج فكرة من المسودات إلى واقع حي ملموس
وشعارنا الجديد، أنا مقاومة، هويتي مقاومة، وحاجتي مقاومة، وسلاحي مقاومة، وسبيلي مقاومة، ولأننا نحب أن نسمع من "المجرِّب" قبل " الطبيب" فإني أذكر أن الطبيب المغربي المجرِّب الذي مكنه الله من دخول غزة في جذوة الحرب وأبى أن يخرج منها إلا حين تضع أوزارها، ورأى ما رأى من كرامات أهل الرباط المجاهدين الأحياء منهم والشهداء، في معرض حديث سُئل فيه ما دورنا نحن، قال :" يجب أن نتجه إلى دعم المقاومة وتبنيها، وألا نخجل من دعمنا اللامشروط لها، بل يجب أن يكون هذا شعارنا.".
لماذا الآن؟ لأن كل ما يخططون له، هو قتل هذه المقاومة وإبادتها، بسلاح الإعمار وسلاح المماطلة في الحوار، محاولة ليجعلونا نختار بين الحياة وبين المقاومة. لكن لفرط غبائهم، لم ولن يدركوا أن حياتنا في المقاومة.
قد يتساءل البعض، كيف نكون " أنا مقاومة"؟ الأصل أن ندعم الجهاد وأهله، بالمال والرجال وكل أنواع الدعم المادي والمعنوي، فالمادي أمر مقدور عليه، أن تجعل في بيتك صندوق : أنا مقاومة، تضع فيه ما عليك من حقوق إخوانك المجاهدين بصفة منتظمة وغير مقطوعة ولا ممنوعة، ولاتقل كيف سأوصلها، فلم يعد هذا عذراً لأنك إن صدقت في سعيك فلن يخيبك الله عزوجل، وأما المعنوي، فأن تجعل من نفسك جنديا في صفوف المقاومة، تقاوم منتوجات العدو، فلاتشتريها و تدعو إلى مقاطعتها، وتقاوم ثقافة التطبيع مع العدو، فترفض صهينة فكرك وتبليد مشاعرك تجاه قضاياك، فقضية كل مسلم هي قضيتك، وتقاوم ثقافة السلام والاستسلام، فالسلام حين يصبح ديدن الضعفاء هو قمة الانهزام، تربي أبناءك على المقاومة، فتنذرهم جنداً في سبيل الله، وقبل هذا كله، فقد وهبك الله عقلاً مفكراً، استعمله في سبيل نصرة الإسلام والمسلمين، استعمله ليكون سلاحاً للمقاومة، وليس ألعوبة في يد التطبيع والمطبعين، كيف؟ أمثل الأمر، هناك من يستطيع إنتاج ملابس كتب عليها: أنا مقاومة، هناك من يمتلك موهبة في اختراق المواقع، فليخترق مواقع العدو: أنا مقاومة، هناك من ليس لها إلا أبناء تربيهم، فلتربهم على: أنا مقاومة، حول رنة هاتفك من آخر زعقات نانسي وأخواتها إلى أنشودة مقاوِمة، ضع على مكتبك صورةً مقاوِمةً، إن دعيتَ إلى طعامٍ من مطعم أمريكي فاعتذر بأنك مقاوَمة، وحين ترتاح إلى أُنس ربك، وجبهتك إلى الأرض، فلاتنس من دعائك أهل المقاومة، أن يجعل الله لك سهماً معهم. فمتى انتصروا، فأنت انتصرت، لأنك كنت من أهل "أنا مقاومة".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire